دخول
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 195 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 195 زائر لا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 548 بتاريخ الجمعة 15 نوفمبر 2024 - 13:20
مواضيع مماثلة
اليونسكو وغياب تعريف الثقافة
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
اليونسكو وغياب تعريف الثقافة
اليونسكو وغياب تعريف الثقافة
بقلم : روبرت فولفورد
ترجمة :د. علي محمد سليمان
بينما كان المدير العام لمنظمة اليونسكو كويشيرو ماتسورا يشاهد عرضاً للرقص التقليدي في بوليفيا في آذار الماضي، لم يكن من الصعب تمييز تلك النظرة الغامضة في عيون الراقصين الذين أتوا من أحد القبائل المهمشة ليقدموا فنهم المهدد بالانقراض. ربما كانت نظرة تجمع بين الفضول و الدهشة من حضور لا يعرفون أبعاده القصية عن قراهم البعيدة.
لقد ضحك هؤلاء الراقصون عندما سمعوا يونسكو تعلن عن نوع جديد من الخطر الداهم الذي يهدد ثقافات العالم و هو خطر الإنقراض و التلاشي الذي يهدد التراث الثقافي للعديد من الشعوب. الرقص التقليدي لبعض القبائل الغامضة، الطقوس المنسية و الآلات الموسيقية الغريبة يجب أن تحمى من قبل تدخل حكومي برعاية و إشراف اليونسكو، هذا بعض مما سمعه الراقصون. لقد بدا هذا الكلام غامضاً بشكل مأساوي لكل من لا ينتمي إلى العالم المهني التخصصي للحماية الثقافية. لكن الراقصين وحدهم ضحكوا. لم يضحك أحد من اليونسكو. إن سياسات و خطط اليونسكو تأتي من عدة عقول محمومة بالحماس لكائنات جادة تقضي أوقاتها في باريس تبحث عن طرق يمكن من خلالها توسيع إمبراطورية الذائقة الثقافية لمنظمة الأمم المتحدة للتربية و العلوم و الثقافة. منذ عقد مضى نشرت مجلة ماكلانس دراسة متشككة ذهبت إلى أن اليونسكو لا تعدو كونها أكثر من إضاعة للجهد و مؤسسة هامشية صممت لتوظيف جيش من المهارات و الكفاءات الجيدة التعليم. لقد ظننت وقتها أن المجلة كانت في منتهى القسوة و اللا موضوعية.
لكنني كم كنت مخطئاً. لقد تغير رأيي في هذا الموضوع بعد قراءات مكثفة عن تاريخ و بنية و ثقافة منظمة اليونسكو. لعل اليونسكو لا تسبب ضرراً كبيراً لأحد عدا ذلك التشويش الذي تلحقه بعقول من يأخذها على محمل الجد. لكنها في النهاية نموذج لمؤسسات الأمم المتحدة من حيث أنها تغرق في عالم مكلف من الاجتماعات اللا منتهية حيث أصناف متنوعة من اللجان تنشأ، تتكاثر و تقرر دون الوصول إلى نتائج عملية مؤثرة. و عندما توصل عباقرة اليونسكو إلى فكرة التراث الثقافي المهدد و صدروها إلى أعضاء المنظمة، لا بد أنهم كانوا يعلمون أن لديهم رابحاً كبيراً و ربما أكبر صفقة في تاريخ السياسة الثقافية. إن توسع منظمة اليونسكو يتعلق بكمية الأموال التي تستطيع تحصيلها من دول العالم التي تستطيع احياناً أن تجعل دافعي الضرائب فيها منشغلين بأمور أخرى. و في هذا السياق يعتبر برنامج التراث الثقافي المهدد الأكثر طموحاً بالربح في تاريخ المنظمة. إن لهذا المشروع نوعية فريدة. إنه يملك القدرة على التوسع بشكل أبدي. ذلك أنه لا يوجد على الكرة الأرضية بلد واحد ليس فيه تراث ثقافي مهدد بالموت. إنها مادة لا تنفد. و لقد أدركت الوزارات و المؤسسات الثقافية سريعاً إلى أي مدى سيوفر هذا البرنامج من فرص عمل كثيرة و سارعت بالتالي إلى دعم عمل اليونسكو في هذا البرنامج. إنه لمن المدهش كم يمكن لفكرة بريئة في شكلها أن تولد من مضاعفات و نتائج في سوق الثقافة. في إجتماع عقد مؤخراً في نيودلهي خصص مسؤولون من 22 بلداً جهودهم لكتابة تعريف لمفهوم التراث الثقافي المهدد. و بالطبع إن بعض عناصر ذلك التراث الثقافي المهدد ما زالت تتمتع بوجود فعلي في أنحاء متفرقة من الكرة الأرضية مثل رقص قبيلة معينة أو أحد أشكال الحكواتي الذي عرفته مجتمعات عديدة، بينما تعاني عناصر أخرى من ذلك التراث من إضمحلال و تلاشٍ. و لكن كيف يمكن التمييز بين العناصر؟ في كل الأحوال تولد عن هذا الواقع فكرة مفادها أن هناك تراث بحاجة إلى حماية عاجلة و إسعافية. و هكذا إتفق الجميع على أن الموضوع يحتاج إلى مزيد من النقاش و عاد الجميع إلى بلادهم لكتابة التقارير. و اليوم تبدو مشكلة التراث الثقافي المهدد أكثر خطورة و إلحاحاً بسبب العولمة و ثورة الاتصالات و تصدير الذائقة الفنية و عزوف الجيل الشاب عن الاهتمام بالأشكال الثقافية التقليدية من رقص و موسيقى و سرد و غيرها. هذا ما يقلق اليونسكو. لكن المختصين في مشروع التراث الثقافي المهدد يخططون لتحديد و جمع كل ما يعتقدون أنه يشكل ذلك التراث على وجه الكرة الأرضية، كل مثل شعبي، كل رقصة قديمة، كل طقس أو شعر غير منشور أي كل شيء. و لحسن الحظ إن عملاً بهذا الحجم يستغرق زمن الأبدية. إن كل شيء أبدعه الإنسان تعبيرياً يقع ضمن إختصاص برنامج التراث الثقافي المهدد. إن أوراق اليونسكو تشير في هذا السياق إلى كل شيء. إلى حرفة صناعة الخشبيات في مدغشقر، التراث الشفهي لحضارة آكا بيغميس في أفريقيا الوسطى، أساطير الهدهد في الفليبين و ما تسميه اليونسكو إحتفالات الموت في المكسيك.
و لم تستثن أوراق اليونسكو الأمكنة التي إعتاد البشر أن يعبروا عن أنفسهم فيها. أمكنة مثل جامع الفناء في مراكش. إن اليونسكو تتعامل مع كل هذه العناصر و الأشكال الثقافية و التعبيرية بنظرة واحدة. إن الناس يذهبون إلى تلك الأماكن ليمارسوا أموراً ثقافية من وجهة نظر العاملين في اليونسكو. و لكن في النهاية هل يستطيع أحد أن يثبت أن التراث الشفهي للبيغميس في أفريقيا أكثر أهمية من صناعات مدغشقر الخشبية؟! و في مقالة تعبر عن سطحية فجة يصف المسؤول الصحافي في اليونسكو أن أي تراث أو تقليد قيم يحتاج إلى مساعدة و حماية. إن قراءة هذه الكلمات تجعلني أتساءل فيما إذا كان جوليان هوكسلي سيندم على دوره التأسيسي في منظمة اليونسكو. إن مشروع التراث الثقافي المهدد الذي تديره اليونسكو يعكس تلك الازدواجية التي تسيطر على تعامل الغرب مع بقية العالم و التي تنعكس بالتالي على عمل منظمة الأمم المتحدة. و تشكل الصين المثال الأوضح لتلك الازدواجية. فبينما لا تتوقف دول الغرب و الأمم المتحدة عن إتهام الصين يومياً بمحاربة التراث الثقافي لمنطقة التيبت، نجد أن الصين تحتل موقعاً هاماً في اللجنة الدولية التي شكلتها اليونسكو لحماية التراث الثقافي المهدد في العالم. و قريباً ستنظم الصين مؤتمراً دولياً عن حماية التراث الثقافي في شينغدو عاصمة مقاطعة سيشوان حيث ستقدم عروضاً تشير إلى العناصر الثقافية المهددة في التراث الصيني بما فيها من تراث شفهي و موسيقى و شعر غير منشور بالإضافة إلى أوبرا كون كو التقليدية.
و مثل الجميع تعاني اليونسكو من مشكلة في تعريف الثقافة. لقد وسعت هذه المنظمة تعريفها للثقافة بشكل غير مسؤول بحيث أصبحت كلمة ثقافة تعني كل شيء و أي شيء. ماذا ستفعل لجنة حماية التراث الثقافي عندما تتجول في أوربا و أمريكا الشمالية؟ هل هناك شيء لن يضعوه تحت عنوان الثقافة؟ يبدو أنهم سيضيفون كل شيء إلى قوائمهم التي تجمع و تصنف التراث الثقافي. لا بد أنهم سيضيفون الاتجاهات الرئيسة في موسيقى الديسكو، لغة كتاب الرياضة في عشرينيات القرن الماضي و أشياء أخرى لا تنتهي. و كل هذا بحاجة إلى حماية عاجلة من قبل المنظمة! و ماذا عن تعبير الوجوه؟ أليس هذا تعبيراً ثقافياً أيضاً؟ كيف سيتم جمعه و توثيقه من قبل لجان اليونسكو؟ كيف سيمكنهم تصنيف و توثيق تلك الإيماءات الممتعضة لمقدم برامج بريطاني يحاور سياسي أمريكي مثلاً؟ لا بد أن هذه الأسئلة و غيرها ستجد مكاناً لها على مكاتب منظمة اليونسكو، و لنا أن نتخيل ما ستسببه كل تلك الأسئلة من لجان جديدة، نقاشات، مؤتمرات و تقارير تشير كلها إلى حقيقة يحاول الجميع تجنب رؤيتها و هي أنه لم يعد هناك في عصرنا تعريف للثقافة، كل شيء ثقافة و أي شيء يمكن أن يكون ثقافة. في غياب التعريف نفقد المعنى، فلا تعريف معاصر واضح للثقافة و بالتالي يصبح المعنى في أي عمل ثقافي غائباً. و في الواقع الذي هو أرضية العمل الثقافي، من يصوغ تعريفاً للثقافة يحافظ على خصوصية عناصرها، المؤسسة البيروقراطية أم الممارسة الثقافية ذاتها. و في ظل هذا الواقع تبدو اليونسكو كمركز للثقافة في العالم غير مجدية و ليست ذات فائدة. أما كبرنامج لتوظيف المثقفين فإن هذه المنظمة ذات فائدة عظيمة.
منقـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــول عن موقع يومية الثورة السورية.
bellraf- عضو بارز
- تاريخ التسجيل : 26/01/2009
عدد الرسائل : 510
الجنس :
رد: اليونسكو وغياب تعريف الثقافة
ألم يقرأها أحد من الأعضاء؟؟؟؟؟؟؟؟؟
bellraf- عضو بارز
- تاريخ التسجيل : 26/01/2009
عدد الرسائل : 510
الجنس :
رد: اليونسكو وغياب تعريف الثقافة
بارك الله فيك على الموضوع القيم
hamza- عضو متميز
- تاريخ التسجيل : 12/01/2009
عدد الرسائل : 2057
الجنس :
العمر : 37
مواضيع مماثلة
» موسوعة500 سؤال في الثقافة الاسلامية
» ** فرجيوة كوم ** يميط اللثام عن وزيرة الثقافة الجزائرية
» تعريف
» ** فرجيوة كوم ** يميط اللثام عن وزيرة الثقافة الجزائرية
» تعريف
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى