منتدى فــرجيــوة الجزائري
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
دخول

لقد نسيت كلمة السر

المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 43 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 43 زائر

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 462 بتاريخ الثلاثاء 4 يونيو 2013 - 14:24


 
   
     - قسم الشريعة الإسلامية
- النقاش السياســــــــي
- أقلامنا . . . . .
- أخبار الرياضة المحلية
- أخبار ميلـــــــــــــــة
- أخبار وقضايا المدينة
- قسم المجتمع المدني
- مناسبات خاصة جدا .
- شكاوى واقتراحات .

   
 
   
   

'التدين الجديد' وأثـره في مجتمعاتنا (2/3)

3 مشترك

اذهب الى الأسفل

'التدين الجديد' وأثـره في مجتمعاتنا (2/3) Empty 'التدين الجديد' وأثـره في مجتمعاتنا (2/3)

مُساهمة من طرف SamiFX الجمعة 25 أبريل 2008 - 20:38

'التدين الجديد' وأثره في تمرير ثقافة التغريب في مجتمعاتنا (2/3)

أسباب ظاهرة "التدين الجديد":

1) الدعاة الجدد:

ظهر في الآونة الأخيرة طائفة من الدعاة الذين ينتسبون إلى النخب المتعلمة والمثقفة والطبقة الاجتماعية الثرية، يتقنون فنون الإلقاء والخطاب الوعظي والقصصي ويظهرون على الجماهير من خلال الشاشات الفضائية؛ (في وقت تعاني فيه الساحة الإعلامية من جفاف روحي وفراغ إيماني في برامجها الهابطة إلى مستوى الحضيض).

هؤلاء الدعاة الذين برزوا في الآونة الأخيرة، وأصبح الحديث والكتابة عنهم بمصطلح "الدعاة الجدد"، ليس لهم توجه واحد، أو منهج يجمعهم؛ فلكل منهم ثقافته واهتماماته وأفكاره، وليس من السهل الحكم عليهم إجمالا! وحديثنا عنهم في هذه السطور، هو من باب الكلام العام! وما قد نطلقه من أحكام ليست بالضرورة تشملهم جميعا! فمنهم من يستغرق في محاضراته ودروسه في الحديث عن الأمور الحياتية اليومية: اهتمامات الناس، واحتياجاتهم الخاصة؛ بلغة ميسرة، إنهم يجيبون الناس على سؤالين مهمين: ماذا أفعل؟ وكيف؟ والبعض منهم يقدم: "محمدا -عليه الصلاة والسلام- كرجل أعمال ناجح جدا" في حديثه عنه أمام الناس!

لكن الدعاة الجدد رغم تنوعهم واختلاف مشاربهم، يلتقون في أربع نقاط: فهم جميعا قادمون من قطاعات التعليم العالي، واكتسبوا ثقافتهم الدينية بأنفسهم، وينتمون غالبا إلى أوساط ثرية وراقية، وفي حين يظهرون مستقلين عن "المؤسسة الدينية الرسمية" من جهة و"الجماعات الإسلامية" .

من جهة أخرى.. يسيرون في مسعى توفيقي بين الإسلام والواقع الذي تعيشه الشريحة المخاطبة، "فرسالتهم تعمل أساسا في وسط تسوده الثقافة الاستهلاكية؛ حيث لا محالة من خلق تناغم بين قيم الدين والمكانة في المجتمع.

إن هذا النوع من الدعوة يشبه في ذلك اتجاه الكنيسة المثودية في أمريكا والتي يتبعها الأغنياء في الأساس؛ لأنه يمكنهم في ظلها الجمع ببساطة بين الإيمان والثروة وهذا ما يفعله "الدعاة الجدد": جعل الأغنياء يشعرون بالرضا عن ثرواتهم".. إن هدفهم الرئيس هو "تصحيح القيم الأخلاقية لدى الأفراد فيما يتعلق بسلوكياتهم اليومية". وليس لدى -هؤلاء- من مشروع سوى رفع المستوى الأخلاقي لدى الشباب المنفتحين على الحداثة، من خلال خطاب ديني يحمل قيم تحقيق الذات، على النمط الليبرالي الجديد: الطموح والثروة والنجاح والمثابرة في العمل والفاعلية والاهتمام بالذات. و

هذه الطائفة من الدعاة تتميز بلغة سهلة ومظهر عصري غير تقليدي (!)، أي قريب لمظهر المتلقي، وتقدم استشارات نفسية وتربوية واجتماعية وإدارية، مازجة بين الثقافة الغربية والموروث الإسلامي.. وإلى هنا يظل الأمر طبيعياً، وليس فيه ما يمنع من سماع الناس لهؤلاء والاستفادة مما لديهم واستشارتهم في مجال تخصصهم؛ إلا أن الأمر تجاوز ذلك، إلى حدِّ الاقتداء بهذه الطائفة من الدعاة في مظهرها العام وسلوكها في الحياة وتعاطيها مع المسائل ورؤيتها للقضايا، ليصبحوا مرجعية للمتلقين عنهم وأسوة للأتباع المتأثرين بنجاحاتهم وشهرتهم الإعلامية.

إن "الدعاة الجدد" يوصلون للشباب رسالة أنه "بإمكانهم أن يصبحوا متدينين، وفي الوقت نفسه أن يمارسوا حياتهم الطبيعية من عمل ودراسة وترفيه، كما يمكنهم أن يظهروا بمظهر عصري يشبه أبناء جيلهم، والأهم من ذلك أنه يمكن للشباب أن يكون متدينا ويحتفظ في الوقت نفسه بسلطته ومكانته الاجتماعية".

إن تيار الدعاة الجدد لا يكتفي باختيار الأماكن التي تتناسب مع جمهوره؛ بل هو نفسه في مظهره يشبه هذا الجمهور؛ فبعكس الشيوخ التقليديين يرتدي هؤلاء الدعاة البدلة أو الجينز وربطة العنق، وهو أيضا حليق الذقن؛ في حين يقدمون للشباب إمكانية أن يجمع بين التدين والاستمتاع بالحياة العصرية، مع شيء من الضوابط الأخلاقية! فأصبحت طائفة "الدعاة الجدد" -إن صح التعبير- تزاحم دور علماء الدين وفقهاء الشريعة، أدركت ذلك أم لم تدرك، وشاركت فيه أو لم تشارك، وأصبحت المخالفات الظاهرة التي ترتكبها هذه الطائفة، أو الانحرافات التي تحملها أحياناً، محط اقتداء من الجماهير.

وقد وصل الأمر بالبعض إلى إلغاء الحقائق المعلومة من الدين والواقع تجاه مخالفة ظاهرة، كمخالفات فرقة كـ"الصوفية" مثلاً.. تحت تأثير بعض هؤلاء "الدعاة الجدد" من التيار الصوفي!! وأحيانا يعطي "الدعاة الجدد" صورة مشوهة عن العلماء والدعاة والفقهاء، وانطباعا عن توجه ناقد لهم.. باعتبار أنهم متشددون أو أنهم مختلفون أو غير مواكبين للحياة العصرية اليوم!!

2) دور بعض أهل العلم والفتيا في تتبع الرخص والتوسع في التسهيل:

إن البداية تكون بفتاوى تيسر على الناس وترخص لهم في بعض المسائل، وشيئا فشيئا يتولد عند هؤلاء الأتباع فقه مبني على تتبع الأقوال والاجتهادات الموافقة للهوى، وإذا كانت إرادة الفقيه من التيسير تقريب الناس من الدين وتحبيبه إليهم.. فإن النتيجة تكون بابا يخرج منه الناس من الدين.. وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً!

يقول أحمد زين: إن "البراح في المساحات الفقهية للعلماء الذين ينتهجون التيسير والتسهيل على المسلمين؛ أوجد -عند هؤلاء المتدينين- رأيا متساهلا في كل قضية فقهية، وأنه لا جناح عليهم في انتهاجه؛ فهو رأي فقهي معتبر من عالم معتبر". بتصرف؛ ويضيف: "وأنا أرى أن ظاهرة القص واللصق من الفتاوى والاجتهادات تجري على أشدها لإكساب المشروعية لكثير من الأفعال التي درج الشباب عليها؛ فبدلا من أن يتنازل عن عادات ما قبل التدين إذا به يحاول أن يجد لها مبررا شرعيا محترما".

وهذا القول لأحمد زين جاء من استقراء: فـ"من خلال فتاوى المرأة على موقع "إسلام أون لاين.نت" نستطيع أن نرسم صورة لحركة المرأة في المجتمع؛ فهي تصافح ابن عمها أو ابن عمتها عند الضرورة (فتوى: مصافحـة الرجل للمرأة.. الحكم والضوابط، د. القرضاوي)، وهي تقابل مطلقها لأغراض شريفة (هل يجوز للمرأة المطلقة أن تتقابل مع من طلقها بعد الطلاق لأغراض شريفة؟ د.القرضاوي)، وتستطيع أن تتابع رياضيين يرتدون الشورت (فتوى: ضوابط النظر بين الرجل والمرأة، د.القرضاوي)، كما أنه لا بأس أن ترقق المرأة حاجبيها (فتوى: ترقيق المرأة حواجبها، الشيخ عطية صقر)، وتستطيع أن تخطب لنفسها من أرادت (فتوى: ما حكم أن تخطب المرأة الرجل؟ د.علي جمعة)، ويجوز أن تضع العطر الخفيف (فتوى: حكم وضع المرأة للعطر، الشيخ عطية صقر)، وهي تخدم الضيوف (فتوى: خدمة الزوجة للضيوف، عطية صقر)، كما يجوز لها ركوب الدراجة (فتوى بدون اسم مفت)، كما يجوز لها العدو في الشارع (فيصل مولوي)، كما يجوز لها قراءة القرآن أمام الرجال (فتوى: د. نصر فريد واصل)... إلخ"!!

وهذه الفتاوى تستند في غالبها إلى دليل شرعي أو قاعدة شرعية أو قول سابق، وصادرة عن أشخاص منتسبين للفقه، لكنها في الحقيقة فتاوى تأخذ بالأقوال الشاذة والأدلة الضعيفة أو المرجوحة، وتفترض في بيئة المستفتي أنها محافظة.. سليمة من الفتن!

وتشكل عند الجمهور المتساهل منهجا مبيحا للمحرمات، التي هي دون الكبائر المعدودة على أصابع اليدين!! ويقابل هذه الفتاوى المتساهلة: "إلحاح الدعاة الجدد على الرجاء ورحمة الله وغفران الذنوب مهما كانت، وهي مساحة لا شك فيها ولا إنكار لها، إن الإلحاح عليها كأنها المسار الوحيد.. والخيار الفذ أوجد خللا لدى المتعرضين لهذا الخطاب، ووجههم إلى مزيد من الجرأة على الحرام مع التأكد من مغفرة الله لهم، وكذلك من تركيز بعض الدعاة الجدد على مسألة أعمال القلوب وأهميتها والتقليل من شأن أعمال الجوارح والسلوكيات والأخلاق". مرجع (4) بتصرف

3) القنوات الفضائية:

إن وسائل الإعلام -اليوم- تقع تحت ضغط الجماهير التي بدأت تنفر من المستوى الهابط الذي وصلت إليه كثير من البرامج، وتطالب -في ذات الوقت- ببديل إسلامي يتفق مع الهوية الثقافية والحضارية للأمة في ظل احتفاء الآخر بقيمه وثقافته ومحاولة تمريرها بالقوة على مجتمعاتنا المسلمة. وفي محاولة منها لإرضاء التوجهات المختلفة إسلامية وعلمانية، فإن القنوات الفضائية تجد في هذا الصنف من "الدعاة الجدد" فرصة في تقديم البديل الإسلامي المطالب به جماهيرياً؛ بل هي تحاول صنع أمثال هؤلاء الدعاة "على أعينها" لأنهم في الغالب لا يتصادمون مع مضامين الرسالة الإعلامية لها.

وتحاول بعض هذه القنوات ركوب الموجة واستغلال التيار.. فهي إما تقدم نفسها كبديل إسلامي، أو أنها تمزج بين هذا وذاك! خاصة وأن هناك قنوات إسلامية قوية بدأت تظهر في الساحة الإعلامية!

يقول د. خالد شوكات في إيضاح العلاقة بين مظاهر التدين في تونس والقنوات الفضائية: "يؤكد المتابعون والمهتمون بالشأن الاجتماعي والثقافي في تونس وجود صحوة دينية كبيرة لدى شرائح اجتماعية واسعة داخل المجتمع التونسي، تتجلى بصورة خاصة في إقبال التونسيات على ارتداء الحجاب، كما يلحظون أن وجود القنوات الفضائية الإسلامية قد مثل بديلا جيدا للمعرفة الدينية بالنسبة للمتدينين في هذا البلد الذي يتعرض فيه التيار المتدين لقمع شديد، ويكاد يغيب فيه دور الدعاة".

إذن هذا الجمهور لابد له من بديل، وهذا البديل مع غياب الدعاة كان القنوات الفضائية! "وقالت الباحثة الجامعية التونسية سنية المنصوري في تصريح لـ(إسلام أون لاين.نت) بتاريخ 31/7/23م: إن وجود قنوات فضائية إسلامية أمثال اقرأ والمجد وغيرهما من الفضائيات، قد مثل مصدرا بديلا للمعرفة الإسلامية وللفتوى الدينية، خصوصا لدى الفتيات والنساء، في ظل غياب الدعاة والوعاظ الدينيين عن المساجد والبرامج الإذاعية والتلفزيونية المحلية (بسبب التضييق الأمني من جانب السلطات التونسية)، كما أن الدعاة الدينيين من أمثال عمرو خالد وحبيب علي الجفري قد تحولوا إلى شخصيات مؤثرة في أوساط اجتماعية كبيرة بتونس".

"إن هذا التيار الجديد من الدعوة ظهر ليوفِّي بمتطلبات الشباب الذين ينفتحون أكثر فأكثر على الثقافة الغربية؛ فهذا الشباب الممتلئ بالأفكار المختلفة غير المتناغمة أنتج هذه الثقافة الجديدة من التدين، التي تعبر عن نفسها من خلال تجديد في الأسلوب والذوق واللغة والرسالة".

"إن الشباب هو الذي خلق لنفسه هذه الثقافة الدينية الجديدة التي تتمحور حول ظاهرة (الدعاة الجدد) كنوع من (الموضة)؛ فهي منفذ للتنفيس عن احتياجات إنسانية متناقضة: احتياجات للتغيير والتأقلم، للتميز عن الآخر والتشابه معه، للتفرد والالتزام بالمعايير الاجتماعية، وبالتالي فإن التمسك بهذا النوع من التدين الإيجابي يسمح للشباب بأن يحافظ لنفسه على هوية تميزه، وفي الوقت نفسه يتعامل مع التغيير الحادث من حوله، وهو إذ يفعل ذلك يتحرك في إطار المعايير الاجتماعية ولا يضطر إلى خرقها".

إن تعدد مصادر التلقي ووسائل الإعلام المتنوعة قدمت للشباب الراغبين للالتحاق بالصحوة قدرًا وافرًا من الاختيارات البديلة؛ وهو ما أدخل عناصر أخرى ساهمت في توجيههم وتشكيلهم، وغيرت مسار توجههم على خلاف الحقيقة أحيانا كثيرة، فقد أصبحت برامج الفضائيات تشكل أكبر رافد لتكوين أفكار "المتدينين الجدد" وثقافتهم الدينية، وبحكم سنهم وانفتاحهم على الإنترنت والفضائيات أصبحوا يتلقون المفاهيم والتصورات والآراء والاستشارات والسلوكيات منها، وحيث أن دعاة "المتدينين الجدد" ينفذون من هذه الوسائل والقنوات إلى جمهورهم فإنهم بلا شك يصنعون قاعدة عريضة من هذا التيار! ويبنون علاقتهم مع المتلقين عنهم بأسلوب التفاعل الحي والتواصل المباشر والحوار الثنائي -وهي أساليب محببة وجذابة لكثير من جيل اليوم- لا على التلقي والتوجيه! كما هو معتاد!

4) السياسات الحكومية:

إن من أهم أسباب ظهور "التدين الجديد" هي تلك الحرب الإعلامية والدعائية التي مورست ضد "التدين الأصيل" في الصحوة، والذي يحتكم إلى الكتاب والسنة وفهم الصحابة والقرون المفضلة الأولى في الإيمان والاتباع، وهو المسمى بالتوجه السلفي!

وهو ما شكل حاجزا نفسيا بين الناس وبين هذا الشكل من أشكال التدين المعروضة على الساحة! إضافة إلى ذلك، السياسات التي تتبنها بعض الدول لتضيق الخناق بها على المتدينين عموما، وتحرمهم من ممارسة حقوقهم الخاصة حتى في ظل الأنظمة الديموقراطية زورا!! تدفع بالبعض إلى البحث عن رخص الفتاوى في مقابلة البطش والتعذيب الذي قد تتعرض له.

تقول الباحثة سنية المنصوري: "إن الصراع الذي شهدته تونس خلال عقد التسعينيات، بين النظام والحركة الإسلامية، قد أضر في حينها بوضع الالتزام الديني لدى التونسيين عامة، على الرغم من أن عددا كبيرا من أبناء المجتمع التونسي كانوا ملتزمين من الناحية الدينية، لكنهم لم يكونوا أعضاء في حركة أو جماعة إسلامية. وكان تقرير الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان السنوي عن عام م قد تحدث عن الحملات الأمنية والإدارية ضد المحجبات التونسيات، وجاء فيه أن العديد من المحجبات تعرضن إلى المضايقات في الشوارع أو أماكن العمل، وتم تجريد العديد منهن من الحجاب عنوة في بعض مراكز الأمن بالعاصمة، وإجبارهن على التوقيع على تعهد بعدم العودة إلى ارتداء الحجاب.

كما أن الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان كانت قد ذكرت في 28/5/23م أن عددًا من طالبات التعليم الثانوي مُنعن من اجتياز امتحانات نهاية العام بسبب ارتدائهن للحجاب. يذكر أنه في عام 1981م أصدرت السلطات التونسية قانونا يعتبر الحجاب زيا طائفيا. ومنذ ذلك الحين والحكومة تلتزم بهذا القانون، إلا أنه تم التشديد على منع المحجبات من دخول الجامعات والإدارات الحكومية منذ مطلع العقد الماضي، وهو ما أثار انتقادات واسعة في الداخل والخارج، خصوصا من جانب المنظمات الحقوقية التي ترى في منع الحجاب والتضييق على المحجبات تدخلا في الحرية الشخصية للمواطنين".

وعقب أحداث 11 سبتمبر، اتجهت السياسات الحكومية في الوطن العربي خاصة، في ظل فشل الخطاب الديني الرسمي على كسب ثقة الجماهير، وعدم قدرة هذه الدول على تحقيق نجاح قومي أو وطني، وزيادة الإقبال لدى الناس على التدين، وتصدر عدد من العلماء والدعاة بخطاب علمي مؤصل وفقه للواقع وتقديم رؤية شاملة للإصلاح السياسي والاجتماعي تقوم على أساس من الدين الإسلامي.. الأمر الذي هددَّ مستقبل هذه النظم العلمانية في هذه البلدان، وخروج الطاقات الشبابية عن سيطرتها وسيطرة العلماء.. اتجهت إلى صياغة بديل قادر على حرف مسار هذا التيار القادم والعارم -كما يبدو، وليس بالضرورة لديها أن يكون رسمياً، لكنه مسيطر عليه أو في أقل الأحوال "غير متمرد"!!

وهذا البديل يشمل المناهج التعليمية والخطاب الدعوي والمؤسسات والقيادات الفاعلة في الأوساط الاجتماعية والشبابية. وربما تتم صياغته بالاتفاق مع أكثر من جهة تتصل مصالحها مع قيام "بديل" بهذا النوع والحجم!! "وفي وزارة الأوقاف -المصرية- تشدد مشاريع الإصلاح على الدور الاجتماعي للمسجد وعلى أهمية المجتمع المدني والاكتفاء الذاتي. إن إحدى حلقات الدراسة في الأزهر تطرقت إلى ضرورة إعادة صياغة الدعوة انطلاقا من تعاليم التسويق الأمريكية".

وفي فترة سابقة من تاريخ الأنظمة الحالية، كان لزاما على أجيال سابقة إذا أرادت أن تعبر عن مشاعرها الدينية، وتظهر ملامح هذا التدين.. أن تنضم إلى جماعة؛ أو هكذا كان يبدو الأمر عند الحركات الإسلامية ذاتها! فكان ذلك يكلفها بمقتضى التضييق الأمني ضريبة لا يستطيعها الكثيرون اليوم، لكن هذا "التدين الجديد" قدم طريقة مغايرة لما عليه فكر الحركة الإسلامية! فهو يمارس العمل الدعوي ويعبر عن تدينه وينشط اجتماعيا بل وربما سياسيا، دون أن يتعرض للملاحقة والاعتداء في الغالب، لا لشيء سوى لأن مطالبه لا ترتقي إلا مطالب الحركة، فهو يعمل في مجموعات صغيرة ذات أهداف محدودة يشارك فيها الجميع علانية، وتعالج –إن عالجت- ظواهر الأمور وشكليات المشاكل! وهو بالتأكيد يستحضر صورة الصراع الدامية التي حدثت لأجيال سابقة ويريد أن يتجنبها!
SamiFX
SamiFX
عضو نشيط
عضو نشيط

تاريخ التسجيل : 27/01/2007
عدد الرسائل : 206
الجنس : ذكر
'التدين الجديد' وأثـره في مجتمعاتنا (2/3) DZQ80176


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

'التدين الجديد' وأثـره في مجتمعاتنا (2/3) Empty رد: 'التدين الجديد' وأثـره في مجتمعاتنا (2/3)

مُساهمة من طرف SamiFX الجمعة 25 أبريل 2008 - 20:42


5) الغرب:

وأقصد بالغرب هنا ذلك المزيج من التحالف الغربي الذي يستهدف العالم الإسلامي حضارة وأمة ومقدرات. فبعض أوجهه سياسية، أو اقتصادية، أو ثقافية، أو عسكرية.. وتارة يتمثل في منظمات دولية وأخرى في مؤسسات ومساندات محلية. ومن مصلحته -في ظل هجمته على العالم الإسلامي- الانحراف بالتوجه والخطاب الديني الذي يكرس الندية بين العالمين الإسلامي والغربي، وتهدئة لغة التعبئة التي يقوم بها العلماء والدعاة ضد كل ما يخالف الدين الإسلامي واستقلالية الأمة.

وقد احتلت مسألة مخاطبة العالم الإسلامي مؤخرا الأولوية في قائمة الاهتمامات الخارجية لدى الغرب، فالإذاعات العربية والقنوات الفضائية "المعربة" تنال الرعاية والتمويل من قبل الحكومات هناك.

وليس أدل على ذلك من مشروعي قناة "الحرة" وإذاعة "سوا" اللتين افتتحتا مؤخراً في المنطقة. والملاحظ أن الغرب قلق من "الخطاب الديني الإسلامي" أياً كان، متطرفاً أو متساهلاً!! فالكل يخضع للرقابة والمتابعة والتحليل!! ومن المضحك أن شخصية كفضيلة الشيخ يوسف القرضاوي -حفظه الله- وهو يُعدُّ عند الكثير من العلماء والدعاة من المتساهلين في أحكامه ومواقفه في المسائل الحادثة والأحكام الفقهية، لا يجد قبولاً في الأوساط السياسية والإعلامية، بل واجه مؤخراً حملة تصفه "بالتطرف" و "الإرهاب"!! لا لشيء سوى لمواقف الشيخ تجاه الاحتلالين الإسرائيلي لفلسطين والأمريكي للعراق!!

وهناك ضغوط تمارس ضد الدول الإسلامية لإيجاد بدائل للخطاب الديني القائم، بما يتفق مع النهج الديمقراطي والتعددية الفكرية والسياسية التي يراد للمنطقة أن تنفتح عليه! كما أن الحالة الأمنية التي أفرزتها هذه الضغوط في جانبها الأمني أفسحت المجال لـ"تدين" من هذا النوع في مقابل انحسار "التدين" التقليدي!

وللعلم، فإن ظاهرة "الدعاة الجدد" حازت على اهتمام الغربيين، في إطار الاهتمام بحركات "التدين الجديد" عموما! فقد أصدرت الدورية الفرنسية "السياسة الأفريقية"، في عددها 87 ملفا خاصا.. بعنوان "موضوعات الرب"؛ لبحث التغيرات الجديدة على مستوى الدين في قارة أفريقيا السمراء. و"السياسة الأفريقية" واحدة من أهم الدوريات المتخصصة في الشئون الأفريقية، وتصدر عن مركز الأبحاث السياسية والقانونية في القارة الأفريقية بجامعة السوربون، ويرأس تحريرها "ريشار بانيا" و"رولان مارشال". وهي تعكس الاهتمام الفرنسي الكبير بالقارة السمراء التي شهدت منذ نهاية الثمانينيات نوعا من العودة للدين على كل المستويات.

وقد ضم الملف دراسات ومقاربات مختلفة حول الدين والحياة في أفريقيا؛ وكانت أهم دراسات الملف تتحدث عن "الدعاة الجدد"، "لأنها ربما كانت الأولى والأهم عن ظاهرة جديدة على الحقل الديني الإسلامي" كما يقول حسام تمام. والدراسة وهي بعنوان: "الإسلام كظاهرة اجتماعية" أعدها "باتريك هاني" وهو باحث اجتماع سويسري يعيش في مصر وهو مختص في الظاهرة الإسلامية". وقد أشار إلى أن: "أهم نقاط الاختلاف التي ترصدها الدراسة -بين الدعاة الجدد ومن قبلهم- كانت الابتعاد عن السياسة والتزام خطاب أخلاقي يختلف مع خطاب هذه الجماعات والتنظيمات السياسية".

وترى الدراسة "أن نموذج عمرو خالد يمثل تلبية للاحتياجات الدينية للنخب والطبقات العليا في مصر، ومحاولة لتقديم إسلام بمواصفات خاصة لأبناء هذه الشرائح التي تستقر بأعلى الهرم الاجتماعي في مصر، بما يلبي رغبتها الحقيقية في التدين وفي ألا تحمل شعورا بالذنب أو إحساسا بالتقصير يدفعها إلى إعادة النظر في وضعها الاجتماعي وما يكفله لها من امتيازات لا تتاح للطبقات الأقل، وهو تدين ذو مواصفات خاصة لن تجده هذه الشرائح في خطاب الشيوخ التقليديين".

"وخطابه -عمر خالد- بالأساس رافض لانحلال الطبقة البرجوازية التي ينحدر منها، ولكنه أيضا متصالح مع هذه الطبقة، ويستجيب لرغباتها في تدين بمواصفات خاصة بها، وبالشباب منها بصفة خاصة باعتباره الحلقة الأضعف من هذه الطبقة، وهو تدين جديد.. الدنيا حاضرة فيه بقوة وليست على صِدام مع الدين، كما لا يتعرض فيه البناء الاجتماعي للطبقة والعلاقات الأسرية إلى خلخلة أو تفسخ أو صدام بين أطرافه كما يحدث في التدين السلفي الذي تقدمه جماعات وتنظيمات الإسلام السياسي".

وتقارن الدراسة "بين خطاب عمرو خالد من خلال تحليل مضمون درسه (الشباب والصيف) وبين خطاب الإصلاح البروتستانتي في أوائل القرن التاسع عشر لتتحدث عن أوجه تشابه كبيرة بينهما خاصة فيما يتعلق بالنظرة إلى الثروة الاقتصادية، فخطاب عمرو خالد يتحدث عنها باعتبارها ليست عيبا أو ذنبا بل هي نعمة من الله، ويؤكد على ذلك في كل دروسه مبررا التراكم الاقتصادي الذي حققته الطبقة البرجوازية في السنوات الأخيرة ويعطيه الشرعية الدينية مشروطة بأداء حقه، وهو خطاب موجه بالأساس إلى الطبقة المهيمنة أو الصاعدة اقتصاديا حتى في رؤيته للأخلاق والقيم الإسلامية، فالصبر مثلا في خطاب عمرو خالد يختلف عن الصبر في الخطاب الإسلامي التقليدي الذي يأخذ طابعا (قدريا) في حين يعني عند عمرو التواصل والاستمرار في العمل وتنظيم الوقت والمثابرة على النجاح".

و"ما اقترب منه الباحث ولم يقله أن المهم في ظاهرة الشيوخ الجدد هي الحالة التي يصنعونها وليس أشخاصهم ولا مضمون كلامهم. الحالة هنا هي الجو المحيط والوسيط الذي ينتقل عبره الكلام والجمهور الحاضر وهكذا.. فهذه الحالة تؤدي إلى تصالح شعوري بين الواقع المعيش وبين الدين الذي يمثل المرجعية الأساسية للشخص الحاضر المنتمي للبرجوازية الجديدة. ويصير السلوك الشخصي المعيش حياتيا المرفوض دينيا (مثل الاختلاط مع الفتيات غير المحجبات أو المحجبات والتعرف عليهن) سلوكا دينيا مطلوبا (فالشاب صار يدعو الفتاة للدين)".

"وتضع الدراسة ظاهرة عمرو خالد في سياق عالمي تأثر بهيمنة خطاب الليبرالية الجديدة عالميا وعلى كافة الأديان، فيرى أنها تقترب كثيرا من جماعات الإيمان الجديدة المسيحية التي انتشرت مؤخرا في الغرب في رفضها للمؤسسات الدينية التقليدية واستقلالها عنها، وفي طابعها الفردي المستقل البعيد عن الجماعية، وفي تركيزها أيضا على المشاعر والعواطف".

وجمهور "الدعاة الجدد" بحسب وصف الدراسة:"في مجمله من غير المؤطرين تنظيميا أو سياسيا، ويتشكل من مجموعات صغيرة أقرب إلى مفهوم الشلة (الذي تنتظم وفق العلاقات بين أبناء النخبة) منه إلى مفهوم الجماعة والتنظيم؛ فحضور الدروس كان دائما ما يتم عن طريق مجموعة الأصدقاء أو (الشلة)، وهو جزء من تفاعلات العلاقة بين أعضاء هذه المجموعة التي مثلما تذهب لحضور الدروس تذهب أيضا إلى المصيف والنادي والسينما وأداء العمرة في الأراضي المقدسة".

و"تؤكد الدراسة أن ظاهرة عمرو خالد والشيوخ الجدد مرشحة للتكرار ليس في مصر وحدها بل في العالم العربي والإسلامي بفعل التفاعلات المستمرة والمكثفة بين الخطاب الإسلامي وبين قيم وأفكار وتوجهات الليبرالية الجديدة". هذا أنموذج للدراسات الغربية المتابعة للخطاب الديني في مجتمعاتنا، وأساليب هذا الخطاب وأبعاده وخلفياته، كل ذلك سعيا وراء استغلال أو توجيه أو مصادمة.. هذا أو ذاك التيار والتوجه!

6) رغبة الجماهير:

إن الجماهير ميالة بطبعها إلى تدين غير باهض التكاليف، وما توجيه موسى -عليه الصلاة والسلام- للرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- (في قصة المعراج والإسراء) ليطالب ربه بالتخفيف في شأن الصلاة، نظراً لما قد عالج من بني إسرائيل، إلا دليل على ذلك. وإذا أضفنا إلى هذه الطبيعة الخوف على المصالح والمتع الدنيوية والميول إلى الترف والشهوات.. فإن الأمر يكون آكد؛ وتبقى هذه الجماهير تبحث عمن يسهل عليها التكاليف والتبعات.

"إن هذا التيار الجديد من الدعوة ظهر ليوفِّي بمتطلبات الشباب الذين ينفتحون أكثر فأكثر على الثقافة الغربية؛ فهذا الشباب الممتلئ بالأفكار المختلفة غير المتناغمة أنتج هذه الثقافة الجديدة من التدين، التي تعبر عن نفسها من خلال تجديد في الأسلوب والذوق واللغة والرسالة". "إن الشباب هو الذي خلق لنفسه هذه الثقافة الدينية الجديدة التي تتمحور حول ظاهرة "الدعاة الجدد" كنوع من "الموضة"؛ فهي منفذ للتنفيس عن احتياجات إنسانية متناقضة: احتياجات للتغيير والتأقلم، للتميز عن الآخر والتشابه معه، للتفرد والالتزام بالمعايير الاجتماعية، وبالتالي فإن التمسك بهذا النوع من التدين الإيجابي يسمح للشباب بأن يحافظ لنفسه على هوية تميزه، وفي الوقت نفسه يتعامل مع التغيير الحادث من حوله، وهو إذ يفعل ذلك يتحرك في إطار المعايير الاجتماعية ولا يضطر إلى خرقها".

وترى دراسة "باتريك هاني" حول الإسلام كظاهرة اجتماعية: "أن نموذج عمرو خالد يمثل تلبية للاحتياجات الدينية للنخب والطبقات العليا في مصر، ومحاولة لتقديم إسلام بمواصفات خاصة لأبناء هذه الشرائح التي تستقر بأعلى الهرم الاجتماعي في مصر، بما يلبي رغبتها الحقيقية في التدين وفي ألا تحمل شعورا بالذنب أو إحساسا بالتقصير يدفعها إلى إعادة النظر في وضعها الاجتماعي وما يكفله لها من امتيازات لا تتاح للطبقات الأقل، وهو تدين ذو مواصفات خاصة لن تجده هذه الشرائح في خطاب الشيوخ التقليديين"
SamiFX
SamiFX
عضو نشيط
عضو نشيط

تاريخ التسجيل : 27/01/2007
عدد الرسائل : 206
الجنس : ذكر
'التدين الجديد' وأثـره في مجتمعاتنا (2/3) DZQ80176


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

'التدين الجديد' وأثـره في مجتمعاتنا (2/3) Empty رد: 'التدين الجديد' وأثـره في مجتمعاتنا (2/3)

مُساهمة من طرف سارة1 الجمعة 25 أبريل 2008 - 23:18

ماشاء الله يحتاج الموضوع لطولة بال.....لي عودة ان شاء الله ......
سارة1
سارة1
عضو بارز
عضو بارز

تاريخ التسجيل : 18/02/2008
عدد الرسائل : 592
الجنس : انثى

http://www.zahrete1elimene.jeeran.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

'التدين الجديد' وأثـره في مجتمعاتنا (2/3) Empty رد: 'التدين الجديد' وأثـره في مجتمعاتنا (2/3)

مُساهمة من طرف AmInx0o السبت 26 أبريل 2008 - 0:45

الموضوع عندو اهمية كبيرة
الله يعيشك
AmInx0o
AmInx0o
°° إدارة منتدى فرجيوة °°
°° إدارة منتدى فرجيوة °°

تاريخ التسجيل : 13/04/2008
عدد الرسائل : 5414
الجنس : ذكر
العمر : 35
'التدين الجديد' وأثـره في مجتمعاتنا (2/3) 194-26

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى