منتدى فــرجيــوة الجزائري
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
دخول

لقد نسيت كلمة السر

المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 52 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 52 زائر

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 462 بتاريخ الثلاثاء 4 يونيو 2013 - 14:24


 
   
     - قسم الشريعة الإسلامية
- النقاش السياســــــــي
- أقلامنا . . . . .
- أخبار الرياضة المحلية
- أخبار ميلـــــــــــــــة
- أخبار وقضايا المدينة
- قسم المجتمع المدني
- مناسبات خاصة جدا .
- شكاوى واقتراحات .

   
 
   
   

'التدين الجديد' وأثـره في مجتمعاتنا (1/3)

2 مشترك

اذهب الى الأسفل

'التدين الجديد' وأثـره في مجتمعاتنا (1/3) Empty 'التدين الجديد' وأثـره في مجتمعاتنا (1/3)

مُساهمة من طرف SamiFX السبت 12 أبريل 2008 - 11:17

'التدين الجديد' وأثـره في تمريـر ثقافـة التغريب في مجتمعاتنا (1/3)

استطاعت الصحوة الإسلامية خلال العقدين الأخيرين من القرن الماضي فرض نفسها كواقع ملموس في الحياة العامة، والأوساط الاجتماعية المختلفة؛ ذلك أنها خاطبت كافة الشرائح والفئات والنخب - بغض النظر عن مدى مضمون هذا الخطاب وسلامته!! ونظراً لأن الإنسان متدين بالفطرة، فهناك تيار عام وظاهر اليوم ينحو باتجاه الشخصية المتدينة، بعد أن سادت لفترة من الفترات طبيعة اللامبالاة والإعراض والتخلي عن الدين، وذلك تحت وطأة التوجه العلماني الذي عمل على تغييب الخطاب الديني ومحاربته وصدِّ الناس عنه.

والقارئ أو المستمع أو المشاهد أو الزائر - في العالم العربي والإسلامي- لا يخطئ مظاهر التدين التي تنتشر في أوساط المجتمع وتلوح على مؤسساته وأنشطته وتعاطيه مع الأحداث.. هنا وهناك.

ويبقى من الضروري في ظل هذا الاتساع والانتشار السريع والمتزايد دراسة الظواهر المصاحبة لهذا التوجه (أو التيار) الديني.. أو ما اصطلح عليه "الصحوة الإسلامية". وهذه الضرورة لدراسة من هذا النوع تنبع من عدة جوانب:

أولاً: أن توجه الناس نحو التدين يرافقه غالباً جهل بأحكام الدين ومقاصد الشريعة، الأمر الذي قد يوقع البعض في الغلو أو المحدثات أو إضافة شيء إلى العقائد والعبادات والشرائع، وهو ليس منها أصلاً! وبالتالي فيجب على العلماء والدعاة مواجهة أي خطأ من هذا النوع مع نشوء بوادره، كما كان هديه - صلى الله عليه وسلم- مع أصحابه، فحديث "ذات أنواط"، وحديث الثلاثة نفر الذين سألوا عن عبادة الرسول - صلى الله عليه وسلم - فتقالوها.. وغيرها، هي من باب حرص الشارع على ألاَّ تخرج طبيعة التدين الناشئ في النفس البشرية عن حدود الشرع ومقاصد الدين.

ثانياً: أن هناك من شياطين الإنس والجن -في كل زمان ومكان ومجتمع- من يحاول أن يحرف توجه الناس إلى التدين إلى مسار مخالف، أو منحرف، مع كونه يبدو في مظهره أنه المسار الصحيح؛ وأغلب انحرافات الأمم عن التدين إنما وقعت في بداياتها الأولى بشيء يسير من المخالفات التي لبست عليهم الشياطين فيها، ليصبغوها بصبغة التدين، ثمَّ ما لبثت أن صارت طرقاً مضاهية للدين، ولكل طريقة أشياع، ولكل شيعة مطاع!!

ثالثاً: أن التدين في غالبه هو استجابة لخطاب ديني موجه، وبحسب سلامة هذا الخطاب وصحة مضامينه تكون سلامة الأتباع وصحة أعمالهم وأقوالهم ومعتقداتهم. ونظراً لكثرة الخلاف وتعدد الاجتهادات على مدار أكثر من أربعة عشر قرناً، فإن من الصعب على العامة والجماهير الغفيرة المقبلة على التدين الوصول إلى الرؤية الصحيحة والمناهج الحقة والتغذية المتكاملة والمتزنة والمتدرجة، والتي يصلون بها إلى مراتب الكمال البشري بصوره المختلفة؛ وهذا قد يؤدي بهم إلى الانتقاء والاختيار من "المعروض" وبحسب الرغبة والحاجة، وبالتالي تصنع الجماهير لأنفسها في ظل غياب الخطاب والتوجيه الموحد "تديناً جديداً"، يحمل ملامح غير متجانسة وعناصر غير مترابطة... وهو بدوره قد يشكل وعياً جمعياً ضاغطاً، وأخطر ما فيه أنه غير موجه ولا إرادي، ومع مرور الوقت يربوا فيه الصغير ويهرم فيه الكبير، ويصبح ديناً له مفاهيمه وقيمه وسننه وشرائعه!! فإذا أراد العالِم أن ينكر على أهله قالوا: "إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون".

التدين بين الجديد والقديم:

إن التدين باعتباره جهدا بشريا في جانب التعاطي مع الدين وتطبيقه في الحياة، يتغير ويتبدل ويتجدد، بحسب أحوال الناس وظروفهم المحيطة ووفرة القائمين بواجب الدعوة والتذكير والإرشاد والتعليم. ومن الطبيعي أن يعتريه نقص أو قصور أو خلل، لأن هذا شأن النفس الإنسانية والمجتمع البشري. ومن هنا فإن تسمية ما يحدثه الناس في واقعهم الديني بـ"التدين الجديد" أمر لا غبار عليه، وهو من باب الاصطلاح على الظواهر الجديدة؛ والمهم في الأمر هو التوصيف الموضوعي لهذا الاسم بما يتطابق مع واقعه؛ حتى لا تبنى بقية الأحكام بعيدا من الواقع وحقائق الأمور!

ولست أول من يلتفت إلى هذه الظاهرة ويسميها بهذا الاسم، فهناك من كتب عن "الدعاة الجدد" وآخرون كتبوا عن "المتدينون الجدد"، وهي في مجموعها كتابات تتطرق إلى الظاهرة من رؤى مختلفة! وتحليلات متباعدة! فماذا نقصد بـ"التدين الجديد"؟!

إن هذا المفهوم متصل بمصطلح "المتدينون الجدد" باعتبارهم النموذج المادي لهذا المفهوم! وعليه فما هي خصائص هذه الفئة من المتدينين، والتي تميزهم عن غيرهم ليحملوا هذا اللقب؟

خصائص "المتدينين الجدد":

ظهر في الفترة الأخيرة من العقد الماضي دعاة: "استطاعوا أن ينتقلوا بالأفكار الدعوية والتربوية إلى مدارات جديدة ومختلفة، ومنها إعادة عرض الأفكار الدعوية بشكل جديد، معتمدين على تقنيات حديثة، وأساليب مستحدثة، ومن هذه المشروعات المزدهرة في مصر: مدارس القرآن التي انتشرت بمنهجية متطورة وأسلوب عمل محترف، واعتماد على تقنيات جديدة، وكذلك العدد الضخم من الجمعيات الخيرية والأهلية التي تدار بمجلس إدارة أقل من الثلاثين عمرا، وبأفكار تنموية رائدة".

وانطلق أتباعهم: "نحو عمل اجتماعي شبابي لا يقول: نحن إسلاميون، بل ينخرط فيه الجميع، محجبات وغير محجبات، متمسكون بالصلاة أو غير ذلك!!، ولم يجعل هدفه التغيير الكامل لهؤلاء الأفراد، ولكن التعاون على أهداف بعينها: زيارة لملجأ أو المشاركة في إنشاء مستشفى أو غير ذلك".

ومما يلاحظ على هؤلاء الأتباع وجود الهم للإسلام، لكن وكما يقول أحمد زين: "التعاطي ونمط المعيشة والتصورات تتم وفقا لنمط الحياة الغربية بصورة طاغية ولافتة، وأعتقد أن الرجوع للأحكام الفقهية يمكن أن يدين نموذجا هذا توجهه، كما أن هذه الفترة التي نحياها كفيلة من الناحية الحضارية أن تُوجه نحو أنماط أخرى من الحياة مختلفة عن هذا النموذج، كما أتصور أن التعاطي مع الأغاني والسينما -الغربية خاصة- وغير ذلك لا يُرضَى عنه فقهيا بجملته".

إنه جيل يتلقى ثقافته بنفسه عن طريق الكم الهائل من الفضائيات ومواقع الإنترنت! ويتمتع بقدر من المكانة الاجتماعية، باعتبار الطبقة التي نشأ فيها وظهر منها!كما أنه متمرد اجتماعيا نتيجة الحرية التي يتلقها في أسرته! وله علاقاته المنفتحة مع الجنس الآخر في العائلة والجيرة والدراسة والعمل! ويشكل مواقعه الخاصة على الإنترنت، والتي تجمع بين ما هو إسلامي وما هو مخالف للإسلام.. فصور مشاهير الممثلين والرياضيين والمغنيين..إلخ، مع روابط الأغاني والموسيقى (المنتخبة)!! ويعد برامجه المتنوعة على القنوات الفضائية، وهي متأثرة إلى حد بعيد بالبرامج المختلطة الأخرى!

إنه جيل منطلق يريد تحقيق الأفكار التي اقتنع بها، ونشر الآراء التي تبناها! مستغلا الوسائل العصرية كالفضائيات والإنترنت والصحافة والمجلات! وتتوفر له كافة وسائل الترفيه والمتعة! وإمكانيات الاستقلال بأعمال خاصة! وليس عند هذا الجيل إشكالية في التعايش مع المفهوم العلماني للدين! نظرا لمفهوم "الإرجاء" الشائع في أوساطه، ولاختلاط المفاهيم والأحكام الشرعية لديه.

وهؤلاء في الغالب هم نتاج فقهاء الرُّخص والتيسير والتسامح، ونتاج ما عرف بـ"الدعاة الجدد"، لذلك فلا غرابة أن تجد في سلوكياتهم الكثير من المخالفات الشرعية الظاهرة! وفيما ينظرون إلى أنفسهم بأنهم عاملين ودعاة للإسلام (الذي يحملونه)، تظهر على أشخاصهم وسلوكياتهم مخالفات شرعية، هي في نظرهم أمورا مباحة أو سهلة!!

وبالتالي فإن أعمالهم العشوائية والمستقلة تأخذ طابعا منافسا للطابع التقليدي للجهود والأعمال القائمة! ومن الأمثلة على دعاة هذا التيار الأستاذ عمرو خالد: "فهو من هذا الوسط، الذي يذهب للنادي ويختلط مع فتيات عائلته، فهو لن يقدم وجهة نظر مثالية أو متخيَّلة، بل على العكس، سيقدم وجهة نظر واقعية تحاول أن تتحرك بالواقع بعض الشيء، لا أن تتجاوزه وتتخطاه، فليس ثمة فراغ اجتماعي، بل هو مجرد التعديل على النمط، فلا مشكلة أن تتحدث الفتاة في التليفون مع ابن عمها، ولا مانع أن ترافقه إلى عمل أو زيارة، ولا مشكلة أن يتصلا ببعضهما لترتيب زيارة إلى ملجأ أو رحلة جماعية مع بعض المسنين، أو ينزلا في سيارة أحدهما لشراء احتياجات هذه الرحلة، وهذا ما يمكن أن يفسر ابتعاد عمرو خالد عن هذه المساحة، وعدم محاولة أن يتدخل في مساحة لن يستجيب له أحد فيها؛ فالجانب الاجتماعي والفقهي سيتعرض لحراك كبير داخل الحركة تأثرًا بهذا الجيل الجديد".

"وعلى سبيل المثال فإن مفهوم عزل الرجل عن المرأة في الزيارات الاجتماعية قد اكتسح سلوكيات الأفراد، على الرغم من أن داعية كبيرًا بحجم مرشد الإخوان عمر التلمساني كان قد أصدر كتاب (المرأة ومكانتها السامية) سخر فيه من هذا المفهوم، وأثبت بأحاديث صحاح أن المرأة يمكن أن تقدم لضيوف زوجها واجب الضيافة، وحمل بشدة على موجبي النقاب على المرأة"!! ، بتصرف "إنني ألمح خلف هذه السلوكيات ثقة غير محدودة بالنفس، كما أشعر بتجاوز شديد للمرجعيات الفقهية، بالإضافة إلى عملية انتقاء مخلة، سواء بالنسبة لمصادر التلقي (الدعاة غالبا)، أو في الفتاوى التي تُختار، ولا شك أن تنامي معارف هؤلاء المتدينين الحياتية وقدرتهم المبهرة على التوصل للمعلومات (لا العلم)، والثقة الشديدة بالنفس تشعرهم بالقدرة -ولو الزائفة- على الاجتهاد.. فتكون المعادلة: اجتهاد العلماء الميسر + اجتهاد شبابي واثق بلا حدود ودون ثقافة شرعية = حالات تساهل وترخص".

يقول الدكتور صلاح عبد المتعال الخبير الاجتماعي المصري، المستشار بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية في مصر، وهو من المتابعين والمراقبين لهذه الظاهرة، في حوار له مع موقع "إسلام أون لاين": "في تصوري ظاهرة الدعاة الجدد ظاهرة محمودة، وعلينا تشجيعها ومباركتها، وإن كان لي عليها تحفظ؛ وهو أنها تبتسر الدين وتنتقص من شمولية الإسلام، وإن كان بعضهم لا يريد أن يتناول الإسلام بمفهومه الشامل، ولا يتطرق إلى أمور سياسية حتى لا تمنعه السلطات. غير أنه على أي حال جهد مشكور، وكلٌ يؤجر حسب نيته".

ويفسر نجاح تيار "الدعاة الجدد" في: " أنه يقدم للشباب وجبة شهية من (الدين اللذيذ)، دون (التكليف المر)؛ فلم يحمِّلهم هم هذا الدين؛ حيث عرض عليهم دينا "لا شوكة فيه". وقد ذكرني ذلك ببعض الفرق المتصوفة التي تتقرب إلى الله وتقوم الليل وتصوم وتتعبد، أما المسئولية السياسية ومعايشة مشكلات الناس.. فلا".

أما الكاتب عاصف بيات، فيرى أن: "هناك تحولا من التركيز على فكرة "الحاكمية للإسلام" إلى التدين الشخصي والأخلاق في المعاملات اليومية، وهو تحول من فلسفة تستهدف الطبقات الاجتماعية المتوسطة والفقيرة إلى استهداف الطبقات العليا في السلم الاجتماعي، وهذا التحول يجعل الإسلام ليس مشروعا سياسيا بقدر ما هو نشاط دعوي يهدف إلى الخلاص الذاتي". إنهم "يتحركون في المساحات الممكنة بعيدا عن المشاكل، مفضلين ألا تهدر أوقاتهم في محاولة تغيير ما قد يبدو مستحيلا"؛ بحسب وجهة نظر نهى الإبياري.. وهي تكتب عن حالة أندونيسيا كمثال!

وحول سؤال لصحيفة «الشرق الأوسط» لـ"باتريك هاني"* عن مدى احتمال تحول خطاب عمرو خالد و"الدعاة الجدد" إلى وجهة سياسية؟!

يجيب: "الابتعاد عن السياسة كان سر نجاح هذه الظاهرة، وما يميزها عن خطاب جماعات الإسلام السياسي الآخذ في الأفول، كما أن التدين الجديد ذا الطابع (المتعولم) والذي يتصاعد خطابه عالمياً دائماً ما يتكون وينمو خارج السياسة، إضافة إلى أن خطاب عمرو هو بالأساس خطاب للطبقات العليا والصاعدة التي لا مصلحة لها في أي تغيير سياسي ولا تملك تصوراً ولا رغبة فيه". راجع صحيفة "الشرق الأوسط" في 13/12/م،.

SamiFX
SamiFX
عضو نشيط
عضو نشيط

تاريخ التسجيل : 27/01/2007
عدد الرسائل : 206
الجنس : ذكر
'التدين الجديد' وأثـره في مجتمعاتنا (1/3) DZQ80176


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

'التدين الجديد' وأثـره في مجتمعاتنا (1/3) Empty رد: 'التدين الجديد' وأثـره في مجتمعاتنا (1/3)

مُساهمة من طرف SamiFX السبت 12 أبريل 2008 - 11:21

مظاهر "التدين الجديد" وآثاره:

إن جيل "المتدينين الجدد" ليس وليد اللحظة، بل هو امتداد كما يبدو للتدين الذي بدأ في منتصف القرن الماضي وعاش دوامة الصراع السياسي بين العلمانية والإسلام، وبدا في حينه أنه لم يحقق شيئا فاتخذ طابع الكسب الجماهيري لمواجهة المد العلماني، ومن ثم ترخص في كثير من الأمور تماشيا مع الظروف والملابسات التي أحاطت به في ذلك الوقت! وهو كأي تغير ناشئ له مظاهره التي لا تخطئها العين أو السمع في المجتمع أو عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقرؤة، وهنا نضع سردا عاما لهذه الظواهر من خلال مشاهدات شخصية أو كتابات تطرقت للموضوع!

ومن أول مظاهر "التدين الجديد" أنه تدين في أوساط اجتماعية ثرية ورفيعة ومثقفة بل ومنفتحة، يقول أحمد زين: "إذا ركزنا على المجتمع المصري كمثال؛ فسنجد تغيرًا يُلحَظ في المجتمع المصري -ربما منذ 1998م- في خريطة التدين به، فثمة انتقال لثقل التدين نحو طبقات أعلى اجتماعيًّا واقتصاديًّا وأقوى وأكثر تأثيرًا". ويضيف: "لكن في العقد الذي نعيشه برزت مظاهر التدين وسط طبقات أكثر ثراءً، أو بشكل أدق: الطبقات "الأكثر ثراءً".. مجتمعات (مارينا) التي غزاها الحجاب، ومساجد النوادي الراقية (الشمس والصيد وسبورتنج) التي امتلأت بجمهور كان قد تعود على ارتياد أماكن اللهو، وقد نشر هذا الجمهور في أنديته صلاة القيام والدروس الدينية، وشهدت الجامعة الأمريكية -وهي مكان نخبة النخبة ماديا في مصر- صعودًا لتيار إسلامي متعدد الوجهات والاتجاهات".

وهو تدين في أوساط الفتيان والفتيات، أي شريحة الشباب! ففي تونس: "يرى الباحثون أن هناك إقبالا متزايدا من قبل فئات الشباب على المساجد، ومن النساء والفتيات -خصوصا في المدن الكبرى- على ارتداء الحجاب، على الرغم من وجود نص قانوني صريح مانع له". لكن طبيعة هذا الإقبال في تونس: "ترتبط بتوجه اجتماعي وأخلاقي محض، يقوم على وعي المتدينين بأهمية النأي بالتزامهم الديني عن أي صراع سياسي أو حزبي"؛ وهذا البعد عن الجانب السياسي ليس إلا نتيجة للحرب التي لاقتها الأجيال السابقة، إلى درجة ينتقدها الغرب على هذه الأنظمة العميلة له أصلا!

وقد صاحب تدين هذه الشريحة من الناس مظاهر غريبة عن الوسط المتدين حقا: "فلا مشكلة أن تتحدث الفتاة في التليفون مع ابن عمها، ولا مانع أن ترافقه إلى عمل أو زيارة، ولا مشكلة أن يتصلا ببعضهما لترتيب زيارة إلى ملجأ أو رحلة جماعية مع بعض المسنين، أو ينزلا في سيارة أحدهما لشراء احتياجات هذه الرحلة"!

وتجاوز الأمر إلى الفضائيات الرسمية وغير الرسمية: "فلم يعد التلفزيون الرسمي يظهر المتدين بالصورة الساذجة التي تلمز الدين وقيمه، بل ظهرت المحجبات في الأعمال الدرامية وانتشرت فيه البرامج الدينية حتى في أوقات ذروة المشاهدة، ووصل الأمر إلى أن تكون البرامج الدينية من السهرات الأساسية (نور على نور، ورب اشرح لي صدري)". وقد بلغت آثار هذا التيار على الصحوة الإسلامية، يقول أحمد زين: لـ"قد بدأ التأثير في الحركة الإسلامية بالفعل خاصة في الجانب الاجتماعي الذي هو وثيق الصلة بالجانب الفقهي؛ فقد أصبح داخل الحركة الإسلامية الآن شبه حراك في هذين الجانبين، خاصة أن الحركة قد دعمت نمطًا معينا خلال الثمانينيات. مما يلفت النظر الآن -مثلا وليس حصرًا- أن كثيرا من السيدات والفتيات المنتسبات للحركة قد استبدلن بـ(الخمار التقليدي) الذي تعود عليه المجتمع المصري والذي كانت توصف كل من تلبسه بـ(الأخت).. استبدلن به غطاء الرأس والصدر القصير المتعدد الأنماط والألوان. هذا التغير وإن أخذ شكلا مظهريا إلا أنه ينبئ عن حراك ما، هذا الحراك ربما يكون تم تحت ضغط الأناقة التي يبدو عليها حجاب المتدينات الجدد، وانخراط الكثيرات منهن في مناشط الحركة، وربما تحت ضغط الانفتاح على أشكال الحجاب المختلفة (الإيراني والخليجي والأوربي...)، التي وسعت الخيارات أمام هذا الجمهور الذي تعود على نمط واحد من الاختيارات. ولكنه في رأيي يبقى تأثرا بالتدين الجديد، وثورة على النمط التقليدي الذي دعمته الحركة -ولو بطريق غير مباشر- في فترة الثمانينيات.

ومن هذا التأثير تغير الأنماط السائدة في المناشط الاجتماعية؛ كالأفراح والزيارات؛ فأصبح من الطبيعي والمعتاد أن تكون هناك أفراح مختلطة أو رحلات مشتركة، أو ما شابه". ويضيف قائلا: "ثانية هذه الملاحظات العابرة حول التأثيرات أيضا: التعامل مع الفنون؛ فالقطاعات الشبابية داخل الحركة الإسلامية أصبحت تتعامل مع الفنون بقوة؛ بل أصبحت بعض التزكيات داخل الحركة توصي بمشاهدة بعض الأفلام السينمائية والأعمال المسرحية، وكثيرة هي النقاشات حول الأعمال الفنية حتى الهوليودية منها داخل مواقع الإنترنت، وساحات الحوار المتعلقة بالحركات الإسلامية".

يقول أحمد زين من واقع تعامله مع هذا الوسط: "أعتقد أنني تعاملت كثيرا مع المتدينين الجدد فتيانا وفتيات، سواء في العمل أو الدراسة أو العمل الخيري وغير ذلك من مناشط، وفي كثير من هذه الاحتكاكات تولدت عندي بعض الملاحظات التي أثارت دهشتي؛ فهذه الشريحة التي ترى نفسها ملتزمة بالإسلام، وبعضهم يمارس بعض الواجبات الدعوية، وكثيرا ما يحدثك عن قصة التزامه، وعن روعة التدين الذي وجد نفسه من خلاله، ومع كل هذه المظاهر؛ فإن ثمة ترخصا تلاحظه على سلوكياتهم، وسأحاول وضع هذه المظاهر بين قوسين دون ترتيب: (فتيات يضعن الماكياج الخفيف- يتساهلن في التعطر والنمص- ملابس ضيقة أحيانا- مزاح وضحكات عالية بين الجنسين- حديث بين فتى وفتاة بعيدا عن المجموع، لا مانع أن يكون استشارة أو شكوى- متابعة أحدث الأفلام في السينما العربية والغربية- سماع الموسيقى الغربية ومتابعة أخبار الفنانين- عدم ظهور الاهتمام بغض البصر... إلخ).

هذه المظاهر يمكن التأكيد عليها من خلال متابعة جمهور الدعاة الجدد من خلال الفضائيات، أو حتى من خلال التجمعات الشبابية في صلاة القيام أو الاعتكاف في رمضان". ويضيف متابعا: "يحضرني مثال تعجبت له، وهو أن إحدى رموز المتدينات الجديدات وهي مذيعة شهيرة لبرنامج ديني؛ هو المصدر الأكثر شهرة وأهمية بالنسبة لمصادر التلقي للتدين الجديد -سأغفل دور هذه المذيعة في توجيه الظاهرة، لكنني سأعتبرها إحدى أفراد الظاهرة في التعريف بها- سردت بموقع برامجها على الإنترنت قائمة طويلة من المغنين والممثلين العرب والهوليوديين والأفلام والأغاني الأمريكية، ورغم أنها تقول في نهاية حوارها: (إن الحشمة تعطي للمرأة الجمال الحقيقي وهو جمال الأخلاق)، فإنها في بداية الحوار وصفت بـ(الجمال المبتسم) -لاحظ الدلالة، وأخيرا فإنها تحلم للإسلام، يقول الحوار: (أما أكثر حلم تتشوق لتحقيقه فهو تغيير شكل البرامج التي تقدم الإسلام...)، وتقول: (أريد أن أعرض الإسلام بصورة تجعل كل فرد في العالم يفهم المعنى الصحيح لهذا الدين القويم)".

ومن المظاهر المصاحبة -وربما تكون أيضا من الأسباب- في هذه الظاهرة: "القص واللصق من الفتاوى والاجتهادات والتي تجري على أشدها لإكساب المشروعية لكثير من الأفعال التي درج الشباب عليها؛ فبدلا من أن يتنازل عن عادات ما قبل التدين إذا به يحاول أن يجد لها مبررا شرعيا محترما".

وحتى لا نتجاوز في القول، ونعمم في الأحكام، فإن مظاهر "التدين الجديد" -الذي نحن بصدده- تختلف من بلد لآخر.. بحسب طبيعة الدعاة فيه، ومدى محافظة المجتمع أو انفتاحه، لكن هناك مظاهر مشتركة إلى حد ما؛ وهي في حد نظري:

- تصنيف الفقهاء والعلماء إلى متشددين ومتسامحين، وأخذ الفتاوى عن الطرف الثاني بمبرر تسامحهم ليس إلا!! أي عدم الاعتماد على العلمية والموضوعية في انتقاء الأقوال، وإهمال النصوص والبحث عن الرخص بشكل واضح!

- وجود مظاهر مخالفة للشريعة في السلوك أو إهمال واجبات بدعاوى تقسيم الدين إلى قشور ولباب!! فالأزياء ذات الزينة والجمال مع حجاب (الشعر فقط) لدى الفتيات أصبح مظهرا للتدين المقبول والمشجع عليه، بل خصصت إحدى القنوات الفضائية المنتسبة للإسلام برنامجا عن الأزياء لتقديم "الموضة" التي يمكن أن تظهر بها المرأة المسلمة في الشارع والعمل.. مع وجود مقدمة وعارضات أزياء "إسلاميات"!! ويالها من طرفة!!

- البرامج التلفزيونية التي يقوم عليها شباب من الجنسين ليتناولوا مسائل دينية ونفسية وتربوية من منظور "إسلامي"، مع تبادل الحوار والطرفة والجلسة "الأخوية"! من مثل برنامج "يللا شباب" على الـM.B.C .

- الاختلاط في أوساط الشباب والفتيات السالك في هذا السبيل من "التدين الجديد"، في الجامعات والمعاهد، إلى درجة خروج رحلات مشتركة.. في بعض الدول! وتعد هذه الرحلات برامج دعوية "يجدد فيها الإيمان"!

- صبغ المخالفات الواقعة في المجتمع بالصبغة الدينية في بعض الأحوال، أو إعطاءها الشرعية، وقد يصل الأمر إلى الحكم على أحوال شركية وأقوال كفرية بأنها صور من الإبداع الذي لا صلة للدين في الحكم عليه، وبالتالي يثنى على بعض المرتدين ويحكم لهم بالإسلام!! فالأسلامة عند أتباع هذا الفريق قومية ينتسب إليها وليس دينا يلتزم به!! ففي اليمن مثلا، نشرت صحيفة منسوبة إلى الإسلام قصيدة كفرية، تحت مبرر الإبداع! فما كان من الحركة التي تقوم على هذه الصحيفة إلا أن شكلت لجنة شرعية للرقابة على الصحيفة، بعدما ترددت الانتقادات حول هذا الأمر، فاعترضت اللجنة بدورها على رئيس التحرير، فما كان منه إلا أن قدم استقالته.. رافضا تدخل العلماء فيما لا يحسنون!

- نشر ثقافة التسامح مع الكفار فضلا عن المبتدعة، وهو تسامح يتجاوز الثوابت الشرعية في تأصيل الرؤية تجاههم وإبداء المواقف إزاء أعمالهم! والتعامل معهم! أحد دعاة هذا المسلك ظهر ليروي تجربته عند تعلمه اللغة في دولة غربية على نظام الالتحاق بالأسر.. فذكر تجربته هذه مشيدا -والحق يقال- (ببعض القيم)! لدى هذه الأسرة على مستوى الأبوين والأبناء.. دون أي تعليق على هذا المسلك في الدراسة والمخالفات التي تحيط به! بل قدمت التجربة كأنموذج للكيفية التي ينبغي أن نستفيد بها من الغرب وخبراته في العيش!! -هكذا!! كما أن بعض اللقاءات المتلفزة بين الشباب (مقدمي هذا النوع من البرامج) وبين شخصيات غربية تكسر الحواجز النفسية مع الكافر من خلال السلوك المقدم والثقافة المصاحبة لهذه اللقاءات!!

- جمع المتناقضات في الشخصية المتدينة، في المظهر، وفي السلوك، وفي التصور..! خذ مثلا الزي والسيما الخارجية هي ذاتها عند هذا الفريق قبل وبعد "التدين"! في حين يتكلم هؤلاء عن الفن الإسلامي والموسيقى الإسلامية و.. و..، إلا أن الزي لا ينقسم فيما يبدو إلى زي إسلامي (أي بشروطه ومواصفاته) وغير إسلامي!

مثال آخر، يحاول هذا الصنف من "المتدينين الجدد" الجمع بين العادات الخاطئة القديمة والعادات الجديدة، فالخدينات (أي الصاحبات) سلوك قائم قبل وبعد "التدين"!! الفارق هو (القشور) التي يحرص عليها الطرفين في التعامل! مشاهدة "الأفلام والمسلسلات" المحافظة وسماع الأغاني الكلاسيكية أو الموسيقى غير الصاخبة.. فوارق!! لكنها ليست جوهرية بين ما قبل "التدين" وما بعده!!

- الاهتمام بجانب حسن السلوك مع الآخرين والإحسان إليهم بالعطاء والعون.. وببعض أعمال القلوب التي قد لا تخلو منها قلوب العامة على فطرتها، هذا مع شيء من الرقائق، وإغفال جوانب مهمة في مسائل العقيدة والإيمان والتوحيد والولاء والبراء، وحقيقة اتباع النبي -صلى الله عليه وسلم- ودعوته، ومسائل الأحكام التي خالفها كثير من الناس اليوم حتى اندرست!

وهذه المظاهر تتفاوت من شخص لآخر، لكنها بطبيعة الحال موجودة وقائمة ومنتشرة في هذه الأوساط.

منقـــــول
بقلم أنور قاسم الخضري (القلم)
SamiFX
SamiFX
عضو نشيط
عضو نشيط

تاريخ التسجيل : 27/01/2007
عدد الرسائل : 206
الجنس : ذكر
'التدين الجديد' وأثـره في مجتمعاتنا (1/3) DZQ80176


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

'التدين الجديد' وأثـره في مجتمعاتنا (1/3) Empty رد: 'التدين الجديد' وأثـره في مجتمعاتنا (1/3)

مُساهمة من طرف SamiFX الجمعة 18 أبريل 2008 - 13:26

لا يوجد تفاعل مع هذا الموضوع.. أيمكن أن أعرف السبب؟!!
أعتقد أن اضافة رد على الموضوع ليس بالمال 'التدين الجديد' وأثـره في مجتمعاتنا (1/3) Icon_scratch
أم أنك لا تريد المشاركة برأيك؟..
confused
SamiFX
SamiFX
عضو نشيط
عضو نشيط

تاريخ التسجيل : 27/01/2007
عدد الرسائل : 206
الجنس : ذكر
'التدين الجديد' وأثـره في مجتمعاتنا (1/3) DZQ80176


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

'التدين الجديد' وأثـره في مجتمعاتنا (1/3) Empty رد: 'التدين الجديد' وأثـره في مجتمعاتنا (1/3)

مُساهمة من طرف noor الجمعة 18 أبريل 2008 - 19:40

السلام عليكم
موضوع جيد شكرا فيمل يخص عدم التفاعل مع الموضوع هو طول الموضوع مما يدفع للملل لأنه علام أظن يأخي أنك نسيت بأننا أمام جهاز الكمبيوتر بالاضافة الى طريقة عرض الموضوع في رأيي أنه كان من المفروض أن يكون على شكل مناقشات نقطة تلو الاخرى لأنه موضوع ثري جدا .
noor
noor
عضو
عضو

تاريخ التسجيل : 15/04/2008
عدد الرسائل : 56

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى